بتصرف عن الاستاذ عبد العزيز العمراني
مختارات من مواقع علمية - مصطفى سكرية

ها نحن مجددا نواصل التنقيب عن الأسباب الحقيقية التي دعت إلى اعتبار الكربون 12 مرجعا لتحديد كمية المادة، و بعدها مرجعا لتحديد وحدة الكتلة الذرية. 
هذا الموضوع يعود إلى بدايات القرن التاسع عشر، و بالتحديد تجارب الإنجليزي "هامفي دافي" (1778- 1829)، إلا أننا، و حتى لا يطول بنا المقال، سنكتفي بسرد بعض المحاولات البارزة في هذا الإطار.

سنة 1797، نظّر الفرنسي "لويس جوزيف بروست" (1754- 1826) إلى وجود علاقة تناسب بين الأجسام البسيطة المكونة للأجسام المركبة، و هو ما أثار انتباه الإنجليزي "ويليام برو" (1785- 1850) حيث طرح سنة 1815 نظريته التي تفيد بأن " الوزن الذري للعناصر الكيميائية عبارة عن مضاعف للوزن الذري للهيدروجين " و جعل بذلك من الهيدروجين الدقيقة الأساسية للمادة، حيث لاحظ أنه بوضع H=1، يصبح وزن العناصر الأساسية : C=12, O=16, N=14, S=32 و هكذا. 

لم يكتب لنظرية الإنجليزي "ويليام برو"، أن تدوم كثيرا، بعدما أثبت الكيميائي "شارل كاليسارد" (1817- 1894) أن وزن الكلور هو 35,5 بارتياب أقل من %1. و مع التدقيق في حساب الوزن الذري للعناصر ثم تعديل نظرية "ويليام" حتى توافق النتائج التجريبية الملاحظة، و بذلك ثم اعتبار نصف وزن ذرة الهيدروجين، و بعده الربع ! إلا أن هذا التعديل توقف بسبب الأخطاء التجريبية الناتجة عن القياس، ما دفع إلى استبعاد نظرية الإنجليزي.
من جانبه، لاحظ الفرنسي "جون بابتيست " (1800- 1884) الذي كان إلى جانب نظرية ويليام، و جود علاقة رياضية في مجموعات العناصر الكيميائية (ملاحظة جد دقيقة في الحقيقة !)، نوردها كمثال بالنسبة لمجموعة الهالوجينات على النحو التالي :

F=19
Cl = 35,5 = 19 + 16,5
Br = 80 = 19 + 2 x 16,5 + 28
I = 127 = 19 + 2 x 16,5 + 2 x 28 + 19

و هو ما يمكننا التعبير عنه بصفه عامة على الشكل :

F= a
Cl = a + b
Br = a + 2b + c
I = a + 2b + 2c + a

تبقى هذه العلاقة صحيحة بالنسبة لكل عمود في الجدول الدوري (باعتبار الكتل المولية المتوصل إليها حينها) !

كانت الغاية الكبرى خلال القرن التاسع عشر، الحصول على قيم للكتلة بأكبر تدقيق ممكن و ذلك بهدف الحصول على نظرية توافق القيم التجريبية المحصل عليها, و لذلك لم يكن ممكنا الاحتفاظ بالهيدروجين كمرجع، و هو ما ذهب إليه "جون ستاس" (1813 ــ 1891) الذي رفض نظرية "ويليام"، معتبرا أن الكتلة الذرية ليست بالضرورة مضاعفا لكتلة الهيدروجين. و قد لحقه الألماني " كوستاڨ ديتليف هينريش" (1836 ــ 1923) في هذا الطرح حيث كان اختيار الهيدروجين بالنسبة إليه اختيارا كارثيا، و ذلك لاعتبار أن أي خطأ في حساب كتلة هذا العنصر سيعود على الأوزان الذرية لبقية العناصر مسببا في أخطاء حسابية متكررة.
بالنسبة ل "كوستاف ديتليف"، كان الأوكسجين من جانب نظري، و الذي اعتمده "بيرزيليوس" (1779 ــ 1884)، أحسن اختيار، إلا أن الأوكسجين بدوره ووجه بإشكالية متعلقة بطريقة القياس، و كان تحديده يتم دائما بطريقة غير مباشرة (لقياس كتلته نستعين بإناء مغلق تم نعمل بعد ذلك على حذف كتلة الإناء فارغا، وخلال هذه العملية لا يجب أن ننسى الأخطاء الناجمة عن قياس الكتلة، و كل خطأ و لو كان جد ضئيل ستعود نتيجته على النتيجة النهائية).
أخيرا، توصّل الألماني "ديتليف هينريش" إلى خلاصة مفادها أنه لا يمكن اعتبار غاز كمادة معيار (مرجع).

بالنسبة إليه كانت الحاجة تستدعي البحث عن جسم صلب، يقاوم التأثيرات الميكانيكية لتفادي تمدّده بفعل الحرارة و الضغط، كما يقاوم التأثيرات الكيميائية لتفادي أي تغيير في تركيبته. عندها لم يتبقى إلا متطوع واحد للقيام بهذا الدور تتوافق فيه جميع هذه الشروط، و هو الألماس (Diamant) الذي يتكون من الكربون الخالص. و يمكن أخذ الوزن الذري لهذه المادة المعيار مساويا للقيمة 12 بالضبط بحيث تكون لدينا مقاربَة مشابهة لمقاربة الإنجليزي "ويليام" (H=1).

في آخر المطاف، حاول الكيميائيون تحليل نتائج جميع التجارب المنجزة خلال القرن التاسع عشر لتحديد الأوزان الذرية انطلاقا من المرجع الذي اعتمده "هينريش"، و هو ما سمح باعتبار الكاربون 12 بصفة نهائية مرجعا لتحديد كمية المادة التي يمثلها مول واحد و مرجعا لوحدة الكتلة الذرية..

المراجع :

1) La mole :

http://www.afblum.be/bioafb/mole/mole.htm
***********************
2) Chemical Philosophy :

http://digbib.ubka.uni-karlsruhe.de/vol.../digital/1/277.pdf
***********************
3) D’une manière de déterminer les masses relatives des molécules élémentaires des corps… (Par A. AVOGADRO) :

http://culturesciences.chimie.ens.fr/.../AVOGADRO_MASSES...
***********************

4) De l'atome imaginé à l'atome découvert : 
https://www.decitre.fr/.../9/7/8/2/8/0/4/1/9782804190729.pdf
***********************

5) Les atomes - Jean Perrin (109)
http://gallica.bnf.fr/m/ark:/12148/bpt6k373955h/f3